بالفيديو : تونسية تتحدى البحر بالصيد بالصنارة وتحصد الألقاب

بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها، قادت نورهان سيارتها نحو شاطئ غار الملح مع خيوط الفجر الأولى .. كاسرة أجواء الخوف و الضغط النفسي بسبب فيروس كورونا..

هناك ترجلت وفتحت الصندوق الخلفي ثم جذبت صنارة للصيد ومستلزماتها وانهمكت في تركيزها وإعداد « الطعم  » بتركيب الدود والثقل الرصاصي ،وسط نظرات استرقها نحوها الصيادون الذين إصطفوا ملقين بصناراتهم منتظرين ما يجود به البحر عليهم…تشد نورهان صنارتها مديرة البكرة الدوارة ثم بسواعدها القوية تلقي الصنارة على بعد أمتار من الشاطئ ثم تقف مستمتعة بخيوط الشمس الصباحية التي اشعلت الضوء على ذرى الأمواج وبأصوات الموجات المتناغمة التي تسللت على داخلها المثقل بهموم الواقع..

تعشق نورهان بوعنان استاذة تعليم فوق الرتبة مميز للمدارس الابتدائية ذات ال59 عاما، البحر وتستمد من أمواجه الهادئة موجات الراحة والطمانينة، لتكرس عشقه له وحبها لممارسة الرياضة منذ شبابها في هواية الصيد بالصنارة التي تطورت بدورها الى احتراف خاضت فيه عددا من المنافسات كامراة وحيدة في ناديها »النادي الرياضي الملكي  » الذي انضمت اليه منذ ثلاث سنوات ،وكواحدة من نساء قليلات احترفن هذه الرياضة وانضممن لجامعة التونسية للصيد البحري الرياضي.

تقول في ذات السياق، ان  » الهواية كانت في طفولة ابنتها وذلك باقتنائها مستلزمات صيد بسيطة لها ،وتعليمها الصيد بشاطئ قليبية اذ بمجرد القائها الطعم اصطادت سمكة وكان الصيد وفيرا يومها .. »تسمرت نورهان في مكانها على الحجر واشرأبّ عنقها الى البحر والى الصنارة مركزة على عدم قطع المراكب المارة لخيط صنارتها ومنتظرة متى يتحرك إيذانا بعلق سمكة بالصنارة، مواصلة حديثها بان تلك التجربة الصغيرة مع طفلتها حولتها الى صيادة محترفة لتتالى السنوات وتصبح هذه الهواية مؤنسها في العطل وأيام آخر الاسبوع وهي لا تواجه أي صعوبة في مسك الصنارة الثقيلة ، بعد ان اعتادت عليها اناملها الانثوية الرقيقة وتعودت على مهارات القائها والصيد بها ..

تعتبر نورهان ان هذه الهواية لا تتطلب فقط وسائل صيد ومستلزمات مادية متطورة بل مرجعية معرفية، تتعلق بحالة البحر وأنواع الأسماك المتواجدة ونوعية الاسماك والحجم المسموح باصطياده ، وانواع الطعم والصنارات، هذا مع كثير من الصبر والاستمتاع برحلات الصيد بقطع النظر عن رصيدها من السمك في اخراليوم..

اهتزت الصنارة في اكثر من مناسبة وهرولت نورهان للامساك بها مديرة البكرة شيئا فشيئا ملتقطة السمكات والتي خيرت اعادتها للماء بعد إمساكها بحرص من خلف الرأس وإزالة الطعم باستخدام الية التقاط خاصة مؤكدة ان حجمها صغير ويجب إرجاعها إلى البحر حتى تستطيع أن تكبر و تنمو..وتضيف نورهان قائلة :  » الصياد المحترف يجب ألا يمل من طول أوقات الانتظار ولا من المسافات الممكن قطعها للوصول إلى البحر الذي يرمي الصيد به والذي يتطلب بدوره معرفة وان الاستمتاع برحلة الصيد والانتشاء بأجواء الهدوء ورذاذ الأمواج العاتية لا تضاهيه اية متعة ..

« خاضت نورهان عدد من المنافسات الاقليمية والوطنية وحازت عدد من الميداليات اخرها في جانفي 2020 بفوزها في المرتبة الثانية لموسم 2019 صنف سيدات في منافسات مسابقة كاس تونس للصيد البحري بالصنارة وتمت دعوتها منذ السنة الفارطة إلى الالتحاق بالمنتخب النسائي لرياضة الصيد بالصنارة .

تعتبر نورهان وهي الرئيسة السابقة لبلدية الدندان والتي غادرتها بعد حل المجلس وعدم الترشح مرة اخرى وهجرها نهائيا السياسة، ان رحلات الصيد الممتعة استطاعت ان تنسيها خيبة الامل التي انتباتها وتزيح عن صدرها ما خلفته تلك التجربة من احاسيس مرارة وغبن..

وتشير الى ان هواياتها واحترافها سيكون طريقها بعد احالتها على التقاعد المبكر هذه السنة وانها ماضية قدما مع البحر الى اقصى الامل ، الى اقصى دروب النجاح والتتويج مستمدة من هدوء امواجه ،الاناة و الصبر ومن هيجانها التحدي والاصرار.

المصدر : وات